انحسار في مواطن فصيلة القرود العليا بإفريقيا
يقول العلماء إن فصيلة القرود العليا التي تحوي الغوريلا والشمبانزي والبونوبو، أو ما كان يعرف بالشمبانزي القزم، بدأت تفقد مواطنها التي تعيش فيها.
وطبقا لهذه الدراسة التي تعد الأولى من نوعها في القارة الإفريقية، سجل العلماء انخفاضا كبيرا في أعداد المواطن التي تتناسب مع طريقة عيش هذه الفصيلة.
حيث فقدت الغوريلا الشرقية، وهي تعد أكبر الكائنات الحية من رتبة الرئيسيات، أكثر من نصف مواطنها التي تعيش فيها منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي.
وتقول الدراسة أيضا إن سلالات غوريلا كروس ريفر، والشمبانزي والبونوبو كانت تعاني أيضا من فقدان مواطنها بشكل كبير.
وقد نشرت تفاصيل هذه الدراسة في مجلة (Diversity and Distribution) العلمية.
وقال يالمر كيويل، من معهد ماكس بلانك لعلم التطور البشري بألمانيا والذي شارك في هذه الدراسة "أشارت العديد من الدراسات، التي أجريت على مستوى الموقع أوعلى مستوى الدولة، أن مجتمعات القرود الإفريقية تقع الآن تحت ضغط هائل، كما أن أعدادها آخذة في الانحدار."
إلا أن المفهوم الأوسع كان ناقصا؛ لذا انضم عدد من المنظمات والعلماء ليقوموا بإجراء أول مسح على المواطن المناسبة لفصيلة القرود العليا في القارة الإفريقية كلها.
وقال كيويل لبرنامج بي بي سي نيتشر: "في ظل ظروف شديدة الصعوبة، كرّس العديد من الكتاب أنفسهم لسنوات قضوها في جمع البيانات التي تستخدم في هذه الدراسة الآن."
وأجرى العلماء ذلك المسح على مرحلتين. حيث حددوا في المرحلة الأولى الموقع الدقيق لأكثر من 15 ألف مكان تأكد أن العديد من الأنواع والسلالات من فصيلة القرود العليا الإفريقية كانت تعيش فيها خلال العشرين سنة الماضية.
وأفاد دكتور كيويل أن العلماء عملوا على تقييم الأوضاع البيئية في تلك المواقع وكل المواقع التي تقع في الجزء الاستوائي من إفريقيا. وقال "تضمن ذلك البحث أيضا على سبيل المثال نسبة المناطق التي تكسوها الغابات، والكثافات السكانية والأحوال المناخية."
ومن خلال ذلك، تمكن الباحثون من أن يجروا حسابات للأوضاع البيئية التي تحتاجها فصيلة القرود العليا للعيش. ثم قاموا، مستخدمين نظاما إحصائيا، بتقدير أحجام تلك المواطن التي استطاعت العيش في إفريقيا، في تسعينيات القرن الماضي ثم في أوائل القرن الحالي.
وقد تأثر حيوان الغوريلا تأثرا كبيرا، حيث شهدت غوريلا كروس ريفر اختفاء حوالي 59 في المئة من مواطنها خلال العقدين الماضيين. أما الغوريلات الشرقية، فشهدت اختفاء 52 في المئة من مواطنها، بينما فقدت الغوريلا الغربية حوالي 31 في المئة من مواطنها.
كما واجهت الأنواع المختلفة والسلالات من قرود الشمبانزي أيضا نفس المعاناة.
حيث فقد شمبانزي البونوبو، الذي كان يعرف من قبل بالشمبانزي القزم، 29 في المئة من مواطنه. ومن بين السلالات المختلفة من قرود الشمبانزي المعروفة، فقد ما يعيش منها في أواسط إفريقيا 17 في المئة، ثم فقد الذين يعيشون منها في غرب إفريقيا 11 في المئة على التوالي.
يقول كيويل "من بين العديد من المواقع والدراسات التي أجريت على المستوى الدولي، توصلنا إلى أن الضغط على فصيلة القرود العليا يتزايد بشكل كبير. وعلى الرغم من تلك التوقعات، من المؤسف أن نرى أقرب الكائنات إلينا تفقد مواطنها."
وتتفاوت نسبة الضغط على فصيلة القرود العليا بشكل كبير تبعا للمنطقة التي يعيشون فيها.
فعلى سبيل المثال، تفقد القرود التي تعيش في مناطق غرب إفريقيا مواطنها جراء مزاولة أنشطة الصيد وتقطيع أشجار الغابات.
وفي أواسط إفريقيا، تبقى المساحات الشاسعة من الغابات القديمة موجودة، إلا أنها لم تعد ملائمة لفصيلة القرود العليا لكي تعيش فيها، وذلك بسبب حملات الصيد الكثيفة التي تجري لتلبية الطلب الذي تحتاجه تجارة صيد الحويانات البرية في إفريقيا.
ويعمل العلماء على تطوير دراستهم، التي ستتيح لهم رؤية أوسع للمواطن التي فقدتها فصيلة القرود العليا، وذلك من خلال استخدام أكبر للبيانات المحلية.
فقد يساعد تضمين البيانات الاجتماعية الاقتصادية في تلك الدراسة على توضيح السبب وراء بقاء القرود في بعض المناطق القريبة من البشر، بينما أنهم اختفوا من أغلب المناطق الأخرى.
يقول كيويل "للأسف، تواجه أعداد كبيرة من القرود التي نراها اليوم خطر الاختفاء في المستقبل القريب، ويرجع ذلك إلى التزايد الكبير في الطلب البشري على مساحات الأراضي والأخشاب والموارد المعدنية واللحوم."